الاثنين، 9 يناير 2023

حديث "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا"

 

 رُوي هذا الحديث من رواية عبد الله بن عمرٍو وسَبْرة بن معبد وأبي هريرة وأنس بن مالك:

* ـ فأما حديث عبد الله بن عمرو فرواه ابن حنبل [6689] وابن أبي شيبة [3501] والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود [495] وابن أبي الدنيا في العيال [] والدولابي في الكنى [892] والعُقيلي والخرائطي في مكارم الأخلاق [457] والدارقطني [887 ـ 888] والحاكم والبيهقي والخطيب في تاريخ بغداد، من طريق سوار بن داود عن عمرِو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا بينهم في المضاجع". جد والد عمرو بن شعيب هو عبد الله بن عمرو بن العاص، وانقلب اسم سوار بن داود في بعض المصادر إلى داود بن سوار.

[سوار بن داود أبو حمزة الصيرفي بصري مات قرابة سنة 155، وثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور، وقال ابن حنبل: شيخ بصري لا بأس به، وهو شيخ يوثقونه بالبصرة، لم يُرو عنه غير هذا الحديث. كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 4/ 272 ـ 273. وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. كما في كتاب الثقات: 6/ 422. وقال ابن حبان في المجروحين: داود بن سوار المزني أبو حمزة، يروي عن عمرو بن شعيب، قليل الرواية، ينفرد مع قلته بأشياء لا تشبه حديث من يروي عنهم، روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا بينهم في المضاجع". كما في كتاب المجروحين: 1/ 290. وقال ابن شاهين: قال يحيى بن معين: سوار البصري روى عنه وكيع ليس بشيء. كما في تاريخ أسماء الضعفاء له: ص 204 برقم 275. وروى له العُقيلي حديثين هذا أحدهما وقال: لا يُتابع عليهما جميعا بهذا الإسناد، وأما حديث عمرو بن شعيب فليس يُروى من وجه يثبت. كما في كتاب الضعفاء الكبير للعقيلي: 2/ 167. وفي الطبعة الأخرى: 3/ 15. وقال الدارقطني: لا يُتابَعُ على أحاديثه فيُعتبر به. كما في سؤالات البرقاني للدارقطني: ص 35 برقم 210].

قلت: إذا قرأنا قول الدارقطني "فيُعتبرَ به" بفتح الراء فهذا يعني أن الفاء فاء السببية وأن المعنى هو أنه لا يُعتبر به، بالنفي، وإذا قرأناه بضم الراء فهذا يعني أن الفاء استئنافية وأن المعنى هو أنه يُعتبر به، بالإثبات. والظاهر أنه يريد المعنى الأول، لقرينة قوله "لا يُتابَعُ على أحاديثه"، وإذا قيل مثل هذا في الراوي فهو يعني التضعيف، فهذا الطريق ضعيف.

ورواه ابن عدي في الكامل من طريق الخليل بن مرة عن ليث بن أبي سُليم عن عمرو بن شعيب به. [الخليل بن مرة بصري نزل الرقة، قال ابن حجر في تقريب التهذيب: ضعيف مات سنة 160. ليث بن أبي سُليم كوفي، قال ابن حجر في تقريب التهذيب: صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترِك، مات سنة 148]. فهذا الطريق تالف.

* ـ وأما حديث سَبْرة بن معبد الجهني فرواه ابن أبي شيبة [] وابن حنبل [15339] والدارمي [1471] وأبو داود [494] والترمذي [407] وابن خزيمة [1002] وابن أبي خيثمة وابن الجارود [147] وابن المنذر في الأوسط [] والطحاوي في مشكل الآثار والطبراني في الكبير والدارقطني [886] والبغوي في معجم الصحابة والحاكم وأبو نعيم في معرفة الصحابة، من طرق عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعا به نحوه.

[عبد الملك بن الربيع بن سبرة: سئل يحيى بن معين عن أحاديثه عن أبيه عن جده؟ فقال: ضعاف. وقال ابن حبان في المجروحين: منكر الحديث جدا يروي عن أبيه ما لم يُتابع عليه. وقال أبو الحسن بن القطان: لم تثبت عدالته]. فهذا الإسناد ضعيف.

قال الإمام الترمذي رحمه الله في السنن بعد رواية الحديث: "حديث حسن". كما في طبعة الشيخ أحمد محمد شاكر وطبعة الدكتور بشار عواد معروف، وكذا في قوت المغتذي، وهكذا نقله المزي في تحفة الأشراف، ولا يُعول هنا على تحسين الترمذي، فهو أحيانا من المتساهلين في التحسين والتصحيح.

* ـ وأما حديث أبي هريرة فرواه ابن أبي الدنيا في العيال [] والبزار [9823] والعُقيلي من طرق عن محمد بن ربيعة عن محمد بن الحسن العوفي عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا، فإذا بلغوا عشرا فاضربوهم عليها وفرقوا بينهم في المضاجع".

[محمد بن الحسن بن عطية العوفي كوفي ضعيف. محمد بن عبد الرحمن مجهول]. فهذا الطريق تالف.

وزيادة على ذلك فهو معلول بالإرسال، فقد رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي الدنيا في كتاب العيال والعُقيلي من طريقين عن محمد بن الحسن بن عطية عن محمد بن عبد الرحمن مرفوعا مرسلا. وقال البخاري: لم يصحَّ حديثه.

ورواه ابن حبان في كتاب المجروحين من طريق شعيب بن واقد الهروي عن عبد المنعم بن نعيم الرياحي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به. [قال ابن حبان: عبد المنعم منكر الحديث لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد بأوابد؟!. شعيب بن واقد نزيل البصرة ضعيف]. فهذا الطريق تالف.

* ـ وأما حديث أنس فرواه الحارث بن أبي أسامة [106] والدارقطني [891] عن داود بن المحبر، وابنُ السني في عمل اليوم والليلة من طريق بكار بن عمرو بن أبي الجارود البصري، كلاهما عن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس عن جده أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لثلاث عشرة".

ولفظه عند ابن السني: "اضربوا على الصلاة لسبع، واعزلوا فراشه لتسع، وزوجوه لسبع عشرة إن كان، فإذا فعل فليجلسه بين يديه ثم ليقل لا جعلك الله علي فتنة في الدنيا ولا في الآخرة".

[داود بن المحبر بصري نزيل بغداد متروك الحديث مات سنة 206. وبكار بن عمرو بن أبي الجارود لم أجد له ترجمة. عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك بصري صدوق فيه لين. ثمامة بن عبد الله بن أنس بصري ثقة فيه لين]. فهذا الطريق تالف. بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث: 106. سنن الدارقطني: 891.

ورواه الطبراني في الأوسط [] من طريق داود بن المحبر عن أبيه عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس به. [داود بن المحبر بصري نزيل بغداد متروك الحديث مات سنة 206. المحبر بن قحذم بصري ضيف]. فهذا الطريق تالف.

* ـ الخلاصة:

هذا الحديث له طرق، بعضها ضعيف وبعضها شديد الضعف، فهو ضعيف الإسناد، والجزء الأول منه حسن، والجزء الثاني منه ضعيف لا يرتقي، والله أعلم.

وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 12/ 3/ 1438، والحمد لله رب العالمين.