ـ
روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله
بن يزيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم
إلى أحُد رجع ناس ممن خرج معه، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة
تقول نقاتلهم، وفرقة تقول لا نقاتلهم، فنزلت {فما لكم في المنافقين فئتين والله
أركسهم بما كسبوا}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها طيبة، تنفي الخبث
كما تنفي النار خبث الفضة". ورواه بلفظ "إنها تنفي الرجال كما تنفي
النار خبث الحديد". ورواه بلفظ "إنها طيبة، تنفي الذنوب كما تنفي النار
خبث الفضة".
المعنى
المقصود هو أن المدينة المنورة نفت وأبعدت كتلة المنافقين الخبثاء عن أن يدخلوا في
صفوف المؤمنين ويجاهدوا العدو معهم.
ـ
اللفظ الأول "تنفي الخبث" رواه البخاري ومسلم وأبو داود الطيالسي وابن
أبي شيبة وابن حنبل والترمذي وغيرهم من طريق جماعة عن شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد
الله بن يزيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، وهذا اللفظ هو الثابت، وهو الصواب،
فرواه البخاري في الباب المناسب له، وهو باب {فما لكم في المنافقين فئتين} من كتاب
تفسير القرآن.
ـ
اللفظ الثاني "تنفي الرجال" رواه البخاري عن رجل واحد عن شعبة به، وهذا
اللفظ ليس بعيدا عن المعنى إذا فُهم على معنى أنها تنفي الرجال الخبثاء، فرواه
البخاري في باب المدينة تنفي الخبث من كتاب فضائل
المدينة، وهو مناسب له كذلك.
ـ
اللفظ الثالث "تنفي الذنوب" رواه البخاري عن رجل واحد عن شعبة به، وهذا اللفظ بعيد جدا عن المعنى المقصود في هذا الحديث، ولا
علاقة له بمعنى أن المدينة تنفي وتبعد المنافقين الخبثاء، فرواه البخاري في باب
غزوة أحد من كتاب المغازي، وهو مناسب له، لكون هذا حصل في غزوة أحد، ولم يروه في
كتاب التفسير، ولا في باب المدينة تنفي الخبث من كتاب فضائل المدينة.
فرحم
الله الإمام البخاري ما أدق نظره في هذا التبويب!.
*
ـ وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 14/ 2/ 1440، الموافق 23/ 10/ 2018، والحمد لله رب
العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.