بسم الله الرحمن الرحيم
حديث "من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاثا غفِرت له ذنوبه وإن كان فارا من الزحف".
ـ هذا الحديث رواه ابن خزيمة ـ كما في إتحاف المهرة لابن حجر ـ عن سعيد بن عبدوس بن أبي زيدون عن الفريابي، والحاكمُ في المستدرك من طريق محمد بن علي بن ميمون عن الفريابي، ورواه الحاكم والبيهقي في كتاب الدعوات الكبير من طريق جيد عن محمد بن سابق، كلاهما عن إسرائيل عن أبي سنان عن أبي الأحوص عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[سعيد بن عبدوس بن أبي زيدون الرملي كاتب الفريابي صدوق. محمد بن علي بن ميمون الرقي ثقة مات سنة 268. محمد بن يوسف بن واقد الفريابي نزيل قيسارية من ساحل الشام ثقة فيه لين مات سنة 212. محمد بن سابق الكوفي ثم البغداداي صدوق ثقة فيه لين مات سنة 214. إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَبيعي كوفي ثقة فيه لين مات سنة 161. أبو سنان الشيباني ضرار بن مرة كوفي ثقة مات سنة 132. أبو الأحوص عوف بن مالك بن نضلة كوفي ثقة قتلته الخوارج أيام الحجاج بن يوسف قرابة سنة 85]. فهذا إسناد ظاهره الصحة، ولكنه معلول بعلة الوقف على الصحابي.
فقد رواه ابن أبي شيبة [15/ 235 برقم 30063 من طبعة الشيخ محمد عوامة] عن ابن نمير عن إسرائيل به موقوفا من قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. [عبد الله بن نمير كوفي ثقة مات سنة 199].
ورواه الطبراني في الكبير من طريق حُديج بن معاوية، والخطيبُ البغدادي في تالي تلخيص المتشابه من طريق حازم بن إبراهيم، كلاهما عن أبي إسحاق السَبيعي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه موقوفا. [حُديج بن معاوية كوفي ضعيف مات سنة 171. حازم بن إبراهيم ذكره ابن حبان في الثقات، وفي الطريق إليه راو شديد الضعف. أبو إسحاق السَبيعي عمرو بن عبد الله بن عبيد كوفي معمر ثقة قد يدلس الإسناد، ثم اختلط بآخره، مات سنة 127، ولم يصرح هنا بما يدل على السماع. عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كوفي ثقة سمع من أبيه حديثا أو حديثين لأنه أدركه وهو صغير]. فهذا الإسناد ضعيف، ولو صح فإنه يؤكد أن هذا الحديث هو من قول ابن مسعود، كما في الرواية السابقة الصحيحة الإسناد.
ـ ورواه عبد الرزاق عن معْمر عن إسرائيل بن يونس، ورواه ابن أبي شيبة عن معاوية بن هشام الأسدي عن شريك بن عبد الله النخعي، كلاهما عن أبي إسحاق السَبيعي عن رجل عن معاذ بن جبل به موقوفا، وسقط ذكر الرجل المبهم من رواية شريك. فهذا الطريق ضعيف.
ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق أبي جابر محمد بن عبد الملك عن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جُحادة عن زبيد عن معاذ به موقوفا.
[الحسن بن أبي جعفر الجُفري بصري منكر الحديث مات سنة 167 أو 161. محمد بن جُحادة كوفي ثقة مات سنة 131. زُبيد بن الحارث اليامي كوفي ثقة مات 123 ولم يدرك معاذا]. فهذا الطريق تالف.
ـ ورواه الطبراني في المعجمين الصغير والأوسط وابن عدي والخطيب البغدادي في الموضح لأوهام الجمع والتفريق من طريق عمر بن فرقد عن عبد الله بن المختار، ورواه ابن السني وابن عدي من طريق سعيد بن راشد عن الحسن بن ذكوان، كلاهما عن أبي إسحاق السَبيعي عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[عمر بن فرقد بصري منكر الحديث. عبد الله بن المختار بصري صدوق. سعيد بن راشد بصري منكر الحديث. الحسن بن ذكوان بصري ضعيف]. فهذا الإسناد شديد الضعف.
ـ ورواه أبو داود والترمذي وابن سعد وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير والطبراني في المعجم الكبير من طريق حفص بن عمر الشني عن أبيه عن بلال بن يسار بن زيد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[حفص بن عمر بن مرة الشني بصري، قال أبو داود: ليس به بأس. ووثقه ابن أبي خيثمة. عمر بن مرة الشني بصري، ذكره ابن حبان في الثقات، ونقل المزي عن النسائي أنه قال فيه ليس به بأس، وفي هذا النقل نظر، ولم أجد له راويا عنه غير ابنه. بلال بن يسار بن زيد بصري، ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد له راويا عنه غير عمر بن مرة. يسار بن زيد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان: لا يُعرف. ولم أجد له راويا عنه غير ابنه. زيد والد يسار ذكره ابن حجر في الإصابة وسماه زيد بن بولا، وقال عنه: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونقل عن ابن شاهين أنه قال: كان نوبيا أصابه النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني ثعلبة فأعتقه. ولم أجد له راويا عنه غير ابنه]. والظاهر أن في هذا الإسناد أكثر من راو مجهول، فهو إسناد تالف.
ـ ورواه ابن عدي وأبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريقين عن بشر بن رافع عن محمد بن عبد الله البكاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[بشر بن رافع اليماني النجراني ضعيف منكر الحديث. محمد بن عبد الله البكاء وأبوه لم أجد لهما ترجمة]. فهذا الإسناد تالف.
ـ ورواه هناد بن السري في الزهد عن المحاربي عن عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من بني الحارث عن أبي هريرة موقوفا.
[عبد الرحمن بن محمد المحاربي كوفي صدوق ثقة قد يدلس الإسناد مات سنة 195. عامر بن عبد الله بن يساف يمامي ضعيف. يحيى بن أبي كثير يمامي ثقة قد يدلس الإسناد ويرسل، مات سنة 129 أو بعدها]. فهذا الإسناد ضعيف.
ـ ورواه أبو عمر بن حيويه في زوائد الزهد لابن المبارك من طريق الحسين بن الحسن المروزي عن عيسى بن يونس، وأبو نعيم في الحلية من طريق محمود بن خالد السلمي الدمشقي عن عمر بن عبد الواحد السلمي الدمشقي، كلاهما عن الأوزاعي عن مكحول من قوله موقوفا عليه. والسند صحيح.
* ـ خلاصة الدراسة: هذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت عن عبد الله بن مسعود من الصحابة وعن مكحول من التابعين من قولهما.
وفي القرآن الكريم إشارة إلى أن العبد إذا أتى ذنبا يستحق الإنذار عليه فإنه لا يُمحى إلا بالاستغفار والتوبة الصادقة، وأن الاستغفار دون التوبة لا يكفي. {الر. كتاب أحكِمت آياته ثم فصِّلت من لدنْ حكيم خبير. ألا تعبدوا إلا الله، إنني لكم منه نذير وبشير. وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله، وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير. إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير}.
فهذا الحديث ضعيف الإسناد منكر المتن.
وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 17/ 10/ 1438، الموافق 11/ 7/ 2017، والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.